الباكالوريا هل بالغش عند الامتحان يُعز المرء أو يُهان؟ هذا ما جاء في مقال نشرته جريدة هسبريس الالكترونية

  بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوانى الافاضل طاب يومكم بكل خير

الباكالوريا هل بالغش عند الامتحان يُعز المرء أو يُهان؟

***************************

تتناقل صفحات الشباب الفايسبوكية قرارت وزير التربية الوطنية محمد الوفا، عن زيادة عدد المراقبين في الأقسام أيام امتحانات الباكالوريا للحد من ظاهرة الغش باستنكار ممزوج بالنكتة، تتلوها تعليقات تتساءل عن الحل، وكأن زيادة المراقبين سيوقع العديد من المرشحين للامتحانات في مأزق، وأي مأزق؟ مأزق عدم القدرة على الغش!
بين "حروزة" تتفاوت بين النصف متر إلى المترين تكتب عليها الدروس بأحرف دقيقة وتطوى على شكل "رابوز" يتمدد ويتقلص وتلصق بمعصم اليد مخبأة بأكمام البلوزة أو السترة، وبين "النقلة" المطبوع عليها ملخصات الدروس بالحاسوب في حجم جيب الوزرة المدرسية، إلى الغش المتداول المعروف وهو تمرير الإجابات بين الطلبة، توجد أنواع وأنواع من طرق النقل تطورت مع تطور التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال، حيث استعمل الهاتف النقال مرات للاتصال بشخص خارج القسم يحمل كتب المقررات يملها بينما الطالب يسمع الإجابة عبر سماعات مخفاة وراء الأذن ويكتب على ورقة الامتحان، أو لتصوير الأسئلة بكاميرا وإرسالها وتلقي الجواب عبر رسائل قصيرة أو عبر "الواتس آپ"، أو تسجيل صوت الطالب وهو يقرأ فقرات من الدروس ثم فتح التسجيل أثناء الامتحان.. المهم، أنه كلما اكتشف الأساتذة المراقبون وسيلة وعملوا احتياطاتهم لكشفها اخترع الطلبة وسائل جديدة، في سلسلة بوليسية لا تنتهي، يعتبرها الطالب المرشح للامتحان أحقية.. والسؤال هو: لماذا؟
نعم، كثير من الطلبة، حين تسألهم عن الغش في الامتحان يردون بعبارة: "من نقل انتقل، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه"، معتبرين الغش وسيلة شرعية للنجاح وكسب النقاط الجيدة، بما أن الأغلبية تعول عليه، مع وجود كثير من الاستثناءات سواء بين طلبة مجدين أو متوسطي المستوى، يبقى أن الأغلبية الساحقة سواء من المجتهدين أم من الكسالى يتخذونه إما وسيلة دعم عند الحاجة الماسة، أو منقذا ومسألة حياة أو موت، وكأن الاستغناء عنه انتحار دراسي. تقول سلمى 17 سنة: "إيوا كلشي غينقل، نبقى أنا كنعصّر فدماغي كي الحمقة!". ويقول عثمان في بداية العشرينات: "ما بقاليش الوقت نحفظ كلشي، شوية نحفظو وشوية نقلو".. هي فكرة تعميم الغش على الجميع التي نشرت الكسل والتواكل بين الطلبة، خوفا من الإحساس ب"الشمتة"، أن يعتمد الطالب على حفظه فيكسب نقاطا أقل من الذي اعتمد على الغش، أو أن يرسب هو وينجح الذي غش.
تبدأ فكرة الغش الدراسي إما بدعم أسري، بوالدين يريان في ديپلوم الباكالوريا نوعا من الكرامة أو النخبوية التي يطمحان فيها بأي طريقة لأولادهم، أو يعتبرانها منفذا من إهانة ما أو مستوى ما يجدر بأي شكل من الأشكال تجاوزه، بعبارات مثل: "خود غي الباك ويحن الله"، أو "وغير سالي قرايتك ودير للي بغيتي"؛ وآخران يريان فيه درجة في سلم الوصول إلى الوظيفة العمومية: "خصك تنجح باش تخدم". وتتفشى فكرة الغش وتجد طريقها لقناعة الطالب بدعم بين رفقاء الدراسة، حيث يزرع الزملاء اليأس داخل أنفس بعضهم من الحفظ والاجتهاد بضرب أمثلة مجتهدين لم يفعلوا شيئا باجتهادهم وآخرين غشوا ففازوا. وينتهي الأمر بأساتذة أنفسهم، قلوا أم كثروا، لا يرون في النقل داخل قاعة الامتحان أي إهانة لمستوى الطالب ولا احتقارا لمجال التربية والتعليم ولا خيانة للأمانة التي حمل، فيبتسمون للطلاب ويطمئنونهم بأنهم "ما غيزيروش"، هؤلاء الأساتذة الذين يلقبهم الطلاب ب: "ضريفين"، "راخفين"، "الله يعمرها دار"!!
نعم، قد تستطيع ظاهرة الغش مساعدة الطالب على اجتياز سنة، أو سنتين، أو الرفع من مستوى نقاطه، أو نيل شهادة ما، لكنها تبقى في نهاية المطاف وسيلة مُهينة، لكل من يعي حقا أهمية العلم، ولكل من يفهم أن العلم في الكتب، وليس في الشهادة، وأن الوظيفة العمومية لن تكفي الجميع، وأن الرزق أولا وأخيرا على الله. فإما شهادة دراسية بإخلاص وتفان وعن استحقاق وجدارة، وإما إعادة المحاولة أو سلك طريق أخرى نحو العلم أو العمل. لكن الغش يبقى وصمة عار، مهما أخذ على محمل من الضحك واستُهين به، لن نستثنيه من أسباب المستوى التعليمي الرديء الذي وصلت له بلادنا، ولا من ازدياد نسبة البطالة التي وصل إليها شبابنا، إن لم يكن هو السبب الرئيس. ولا ننسى قوله صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا".
مع دعواتنا لكل المرشحين للامتحانات بالنجاح والله الموفق.

للأمانة فالمقال منقول من جريدة هسبريس الالكترونية

************************************

نلتقي في خبر او مقال جديد إن شاء الله
 
 يشرفنا ان تنظم إلى أعضاء مدونتنا
  بالضغط  هنا
 لا تنسوا الضغط على زر الاعجاب لمساعدتنا للرقي بالموقع
 
أو التعليق على مقالتنا بحسابك على الفيسبوك 
تقبلوا تحياتي  

  ***********

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ مدونة باكالوريا . ، وجميع حقوق الحقوق محفوظة لأصحابها| Privacy Policy